من يقرأ عنوان هذا المقال سيكتشف حتماً الموضوع الذي سنعالجه في السطور اللاحقة. ولكن قبل الغوص في الحديث عن تعريف البودكاست، لا بدّ من الإشارة الى أهمية الصوت.

لنقم معاً باختبار بسيط. أغمضوا أعينكم لبعض الوقت واستمعوا الى الأصوات من حولكم. هل تستطيعون تمييز هذه الأصوات؟ هل تستطيعون من خلال الصوت معرفة مصدره؟

افتحوا أعينكم الآن وانظروا من حولكم. هل إجاباتكم على السؤالين السابقين صحيحة؟ هل تمكّنتم فعلاً من تمييز الأصوات بشكل صحيح؟

لنعيد الاختبار مرة جديدة مع تعديل بسيط. أغمضوا أعينكم وحاولوا الآن الاستماع الى أصوات أشخاص مختلفين. هل تمكّنتم من تمييز الأشخاص باختلاف أصواتهم؟ بماذا شعرتم عندما سمعتم صوت شخص معيّن من دون رؤيته؟

نعم. يؤثر الصوت كثيراً على انطباعات الناس ويساعدنا على الاتصال بالعالم الخارجي، فإما أن تشعروا بالراحة والإنجذاب عند سماع صوت ما، أو تشعروا بالانزعاج والنفور، حتى إن الجنين في رحم أمه يسمع الأصوات ويستطيع تمييزها والشعور بها.

والبودكاست تماماً مثل البشر، يتأثر بشكل كبير بالصوت، لا بل يرتكز بشكل أساسي عليه. كيف؟ لنشرح لكم في ما يلي “ما هو البودكاست”.

تأتي من كلمة “بودكاست” الكلمة الإنكليزية “Podcast”، والتي تدمج بين “broadcast”، أي البث أو النشر، و”iPod” أي مشغل الموسيقى المحمول الذي أنتجته شركة آبل.

وتعبّر برامج البودكاست عن التدوينات الصوتية أو الملفات الصوتية المتوفرة عبر الإنترنت. ويمكن القول إن برامج البودكاست هي البرامج الإذاعية التي يمكن الاستماع إليها حسب الطلب، وهذا ما يميّز البودكاست Podcast عن برامج الراديو والتلفزيون.

في الواقع، المستمع قادر على السيطرة على برامج البودكاست وفقاً لرغباته واهتماماته، إذ يمكنه الاستماع الى البرنامج الذي يريد في أي وقت حتى بدون الاتصال بالإنترنت.

باختصار، البودكاست هو سلسلة من الحلقات الصوتية المسجلة، والتي يعالج كل برنامج منها مواضيع معيّنة، وفقاً لنوع البودكاست. كما إنه واحدة من وسائل الإعلام الحديثة والمتطورة التي تلاقي انتشاراً واسعاً بين الناس، كونها تلبي رغباتهم وتحاكي تطلعاتهم والتي يستطيعون هم بأنفسهم أن يتحكموا بمحتواها وفقاً للمواضيع التي تلفت انتباههم، وذلك من خلال تحميل تطبيقات البودكاست، مثل تطبيق بوديو Podeo، على الهاتف الذي بات الجزء الذي لا يتجزأ من حياة الناس والرفيق الدائم لهم.

وفي الأخير، برامج البودكاست هي وسيلة حديثة ومميزة، تساعدكم على الوصول الى المعلومات بطريقة سهلة ومميزة في أي وقت وأي مكان، كما تساعدكم أيضاً على رفع أصواتكم والتعبير عن أنفسكم وأفكاركم. فما الذي تنتظرونه للقيام بأول خطوة نحو عالم البودكاست؟قد يعتقد الكثيرون أن البودكاست والكتب الصوتية متشابهان كثيراً، الى درجة أنه لا يوجد أي فرق بينهما.

ولكن في الحقيقة، صحيح أن تعريف هاتين الوسيلتين متشابه جداً، لكنهما ليسا متشابهين، إذ يوجد فروق جوهرية وأساسية، للمستمع والمبدع، بينهما.

وفي التعريف، يمكن القول إن برامج البودكاست والكتب الصوتية Audiobooks هي ملفات صوتية رقمية يتم الاستماع إليها عبر الإنترنت. ولكن ما الفرق بينهما؟

أولاً، الكتاب الصوتي هو نص مسجّل عن قصة موجودة، عادة على شكل كتاب، ويسرد هذا النص السيناريو نفسه الموجود في الكتاب أو حتى مجموعة قصص في حلقة واحدة، وبالتالي يمكن الحصول على المحتوى نفسه بطريقة مختلفة. أما برامج البودكاست Podcasts، فهي عبارة عن حلقات مختلفة قد تكون يومية، أسبوعية، شهرية أو غير ذلك وتقدّم في كل حلقة معلومات جديدة عن موضوع مختلف ومحدّد.

في الكتاب الصوتي، لا يوجد مبدع أو بودكاستر يعمل على تحضير المحتوى في كل حلقة، بل يوجد كاتب واحد للقصة هو الذي يقدّم الحبكة على طريقته.

أما إذا أردنا أن نتحدّث عن المدة، فإن الكتب الصوتية تكون عادة أطول من برامج البودكاست Podcasts. فهي تمتد لساعات عديدة، لأنها سرد متواصل لأحداث القصة، وينتهي الكتاب الصوتي مع انتهاء القصة. أما في برامج البودكاست، فتتراوح مدة كل حلقة بين الدقائق القليلة وصولاً الى ساعة تقريباً لا أكثر. في الواقع، إن برامج البودكاست غير مملة، لأنها قصيرة وتعالج في كل حلقة موضوعاً مختلفاً. وما يعطي الشخص القدرة على الاستماع الى برامج البودكاست في أي مكان وأي وقت، هو أنها سريعة وسهلة.

فضلاً عن ذلك، لا بدّ من الإشارة الى أنه يمكن الاستماع الى أغلب برامج البودكاست بطريقة مجانية عبر التطبيقات، أما بما يخص الكتب الصوتية Audiobooks، فعلى المستمعين عادة دفع مبلغ معين يحدّده الكتاب والناشرون مقابل الحصول على المحتوى.

وفي الحديث عن التطبيقات، من المهم ذكر أن المستمع يستطيع أن يتنقل من برنامج بودكاست إلى آخر، ومن حلقة إلى أخرى بكل سهولة عبر التطبيق، كما يمكنه أن يتلقى إشعارات تقول له إنه تمّ تنزيل حلقات جديدة أو حتى إصدار برامج جديدة قد تهمه.

الفرق بين برامج البودكاست والكتب الصوتية كبير جداً، علماً أنهما يتشابهان في نقطة مهمة وأنهما وسيلتان مهمتان للترفيه واكتشاف معلومات جديدة.

والآن، بعدما اكتشفتم أهم الفروق بين الوسيلتين اللتين تنتشران بشكل كبير اليوم، وأصبحتم على دراية بأهمية البودكاست لناحية اكتشاف معلومات جديدة والترفيه بسهولة تامة وفي أي وقت وبشكل مجاني، هل لا تزالون تشعرون بتردد في البدء بالاستماع الى هذه البرامج والاستفادة من أي لحظة في حياتكم لاكتشاف كل جديد؟

ابدأوا الآن في الاستماع إلى هذه البرامج، وعيشوا تجربة جديدة ومتنوعة وشاركونا آراءكم حولها.

الى اللقاء في مدوّنة جديدة.