لنكن واقعيين: لطالما أحب الناس الثرثرة “الجيدة”. فمنذ العصور القديمة حتى اليوم، ننجذب بشكل طبيعي إلى القصص المتعلّقة بالناس، وبخاصة المشاهير أو الشخصيات العامة الأخرى. وتستغل برامج بودكاست الشائعات هذه الرغبة بشكل مباشر، فتقدم قصصاً مثيرة وتفاصيل عن خلف الكواليس. ولكن وصفها بأنها مجرد “نميمة” يغفل جزءاً من القصة.
ما هي الحقيقة؟
الأمر لا يقتصر على مجرد تكرار عناوين الصحف الشعبية؛ إذ تضع برامج بودكاست الشائعات كل شيء في سياقه، تعلّق عليه، وكثيرًا ما تقدم وجهات نظر جديدة بشأن الأمور المهمة. فهي تتطرق إلى تلك الأشياء الصغيرة التي ربما فاتتنا، تقدم آراء تجعلنا أحيانًا نشكك في آرائنا، وتدعونا جميعًا إلى محادثاتها. ويجتمع الكل معاً كمجتمع لمناقشة لحظات الثقافة الشعبية، الجدالات حول المشاهير وحتى قصص الدراما الشخصية للمؤثرين هذا الأسبوع.
وكانت هذه المدونات الصوتية، بالنسبة للعديد من الناس، وسيلة للاستمتاع ببعض الترفيه والاسترخاء. ولكن إلى جانب ذلك، فإن برامج بودكاست الشائعات تمثل مرآة تعكس مجتمعنا: فهي تمثل الهوس الإدماني بالشهرة والثروة والرغبة البشرية في معرفة كل ما يمكن معرفته.
أكثر من مجرد ثرثرة
تتجاوز بعض برامج البودكاست العناوين الرئيسية لتشمل اتجاهات ثقافية أعلى. فهي تتساءل عن سبب اهتمامنا بقصص معينة، مدى افتتاننا بثقافة المشاهير، بل وتتطرق في بعض الأحيان إلى قضايا أخلاقيات وسائل الإعلام، الخصوصية، وكل التأثيرات المترتبة على الشهرة. وقد يكون هذا مفيداً أو مستفزاً، وقد يرفع من مستوى المحتوى الذي يبدو سطحياً إلى مستوى آخر.
الحكم: خدعة أم لا؟
في حين يعتبر البعض أن برامج بودكاست الشائعات مجرد ثرثرة لا معنى لها، لا أحد ينكر قدرتها على إحداث السحر في نفوس مستمعيها. فهي بالنسبة لهم من أشكال الهروب من الواقع، حيث قد يظل المرء على اتصال بعالم الترفيه، وفي بعض الأحيان قد يتطرق إلى قضايا اجتماعية أكبر.
ولكن في النهاية، ما بدأ كنوع من الترفيه تطور وأثبت أن هذه المدونات الصوتية ليست مجرد خدعة. فهي تعكس ثقافاتنا واهتماماتنا ومحادثاتنا، وتتناسب بشكل جيد ودائم مع عالم البودكاست.