قريباً، قد تهيمن منطقة الشرق الأوسط على صناعة البودكاست على مستوى العالم. ومن خلال نظرة سريعة على أحدث الأخبار، يمكن ملاحظة مدى انتشار البودكاست وشعبيته في العالم العربي.
وتنجح برامج البودكاست، يوماً بعد يوم، بترسيخ نفسها ومكانتها كواحدة من أكثر مصادر المحتوى الموثوق بها في المنطقة. واللافت، أنه في حين أثّر وباء كورونا بشكل سلبي على معظم القطاعات الأخرى حول العالم، تمكّنت البودكاست من الانتشار أكثر في هذه الفترة، وباتت من الوسائل التي تقدّم محتوى يعتبر من أولويات المستهلك.
فهم النظام الإيكولوجي
لفهم إمكانات البودكاست، علينا أولاً درس البيئة التي نعمل فيها. البودكاست تنتشر بسرعة، مثل أي قطاع يجذب الانتباه. ولدى سبوتيفاي، خدمة موسيقى رقمية، مجموعة سريعة النمو من برامج البودكاست المعدّة في الأصل باللغة العربية لمنطقتها. وينتشر هذا المحتوى بشكل كبير في العالم العربي، ويجذب أعداداً كبيرة من المستمعين ويبني قاعدة جماهيرية مهمة.
ويتأثر محتوى البودكاست بشكل كبير بقصص الخيال والروايات، وهذا ما يزيد من أعداد البودكاست التي تساعد في الهروب من الضغوط والتوتر خلال فترة الوباء. بالإضافة الى أن المشهد بشكل عام، شهد سوقًا مهيأة لظهور البودكاست في المنطقة، وهذا ما يمهد الطريق لمحتوى أكثر تركيزًا محليًا. وقد انتشرت استديوهات البودكاست في كل مكان، حتى بات المبدعون يحوّلون منازلهم الى مكاتب واستوديوهات موقتة للتسجيل وتحضير المحتوى المميز.
والشباب العربي هم مجموعة من المستمعين الذين جذبت البودكاست انتباههم وخيالهم. ولكن، كان هناك فكرة سائدة بأن العديد من الشباب شعروا بالضياع والعزلة عن العالم العربي في الماضي، لأن وسائل الإعلام بشكل عام، لم تروج للثقافة الإقليمية بأسلوب معاصر ودود لجيل الشباب. لذلك، فإن منصة بوديو موجودة لملء هذه الفجوة.
الحاجة إلى البودكاست العربي
يستمر الطلب على المزيد من المحتوى المتنوع باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتركز غالبية البرامج التي يمكن العثور عليها عبر الإنترنت على المقابلات. وعلى الرغم من أن هذا النوع بات مستخدمًا على نطاق واسع وهو غير مكلف، إلا أنه لا يعزز ابتكار النظام الإيكولوجي أو يدعمه.
في الواقع، لن تجدوا العديد من برامج البودكاست باللغة العربية التي تتماشى مع الاتجاهات الحالية المنتشرة على يوتيوب أو أي منصات أخرى. وبالتالي، قد تتساءلون: “أين يمكننا العثور على برامج بودكاست تلبي احتياجاتنا المعرفية اليومية؟”. وهنا، ربما نجت البودكاست باللغة الإنكليزية في تحقيق ذروة شعبية لناحية معالجة مواضيع الأخبار اليومية. وعلى الرغم من أن هذا الأمر رائع، إلا أنه لن يؤدي إلى صناعة بودكاست مزدهرة أو قد يكون مشروعاً مربحاً في منطقتنا. وبالتالي، نلاحظ وجود فجوة في السوق، في ما يتعلق بمنصات الإنتاج. لذلك، جاءت بوديو لتلبي احتياجات الشباب وتقدّم لهم المحتوى العربي الذي يجذب انتباههم.
واللافت أن مجالات عديدة تهمّ المستمعين لا تزال اليوم مهمّشة من قبل المنصات التي تبث البودكاست. فبالإضافة إلى الأخبار اليومية، لا تزال هناك مجالات محددة لا تعالجها برامج البودكاست، مثل مجالي الصحة والمساعدة الذاتية، اللذين يحظيان بشعبية كبيرة في أماكن أخرى، إلى جانب مواضيع الجريمة الحقيقية مثلاً. كل هذه المجالات لعبت دوراً كبيراً في انتشار البودكاست حول العالم، وبالتالي هذا ما يجعل منصة بوديو الرائدة في مجال البودكاست في العالم العربي، لأنها تقدّم مجموعة متنوعة وكبيرة من البرامج التي تطال المجالات كافة وترضي جميع المستمعين.
عصر البودكاست
خلال الإغلاقات العامة في زمن كورونا، زاد استخدام البودكاست في جميع أنحاء العالم بنسبة 42 في المئة. فقد ساهم الوباء زيادة الاستماع الى البودكاست بشكل كبير في الولايات المتحدة. وبعد شهر واحد فقط من الوباء، زادت نسبة الاستماع للبودكاست في الولايات المتحدة بنسبة 18 في المئة، وفقًا لمجلة فوربس. وحقيقة أن برامج البودكاست هي “نتفلكس الملفات الصوتية” وأن عدد المستمعين زاد بشكل كبير أثناء الإغلاق يجعل الأمور أصعب ويزيد من المسؤولية. علماً أن برامج البودكاست أصبحت المرافق الدائم للمستمعين في أي وقت وأي مكان، ومن أدوات كسر الروتين اليومي في ظل عصر العزلة الجسدية والاجتماعية، والرغبة في التفاعل مع الآخرين والتواصل معهم.
وتشير الأرقام الى أن وجود برامج البودكاست سيستمر في ظل الحاجة الكبيرة إليها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التطور الكبير في المنطقة يشير الى وجود آفاق هائلة للبودكاست في المنطقة العربية. ويلعب الجيل الجديد دوراً مهماً في زيادة نمو البودكاست وانتشارها، بسبب الاهتمام الكبير بها في جميع أنحاء المنطقة. علماً أن المبدعين ينتشرون في المنطقة العربية بشكل عام، من لبنان إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن.
ماذا بعد؟
على الرغم من أن عالم البودكاست لا يزال قيد التطوّر، إلا أنه يتمتع بإمكانيات هائلة. إن تركيزنا على رواية القصص الخيالية والمواد الأصلية يملأ فراغًا في السوق لم يتم تلبيته سابقًا، بخاصة في المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة.
هناك فرصة للتحدث إلى الجمهور العربي بطريقة تلائمه حقًا، المجتمع يتعطش لها. ويلعب عامل الثقة دوراً كبيراً، بالإضافة الى مقاييس التفاعل والمشاركة. كل ذلك يعتبر من العوامل المهمة الموجودة في البودكاست للتفاعل مع الجماهير بعد الوباء.